النص المكتوب (ألحروفي) افتراضا معرفيا تشكيليا |
المقاله تحت باب فنون عالمية ![]() ![]() ![]() في البدء كان العمل الفني التشكيلي (رسما آو نحتا أو خزفا) ملكا جماعيا قبل أن يدون اسم منتجه عليه. ثم امتلكه اسم الفنان المدون على حاشيته (إمضاءه) وبات وجه بيكاسو أو شبحه يطفو، من خلال رسم حروف اسمه، فوق العمل متشكلا كقيمة موازية. وبذلك حقق رسم اسمه صورة اعجازية تضاهي قيمة العمل وأضحى لوحده أسطورة. أسطورة تكررت في أعمال لاحقة استحضرت من خلالها الكلمة المرسومة (وأحيانا ما تكون مطبوعة) تصورات افتراضية لأفعال ونوازع ثقافية ووجدانية رقيقة أو صاخبة سحبتها التقنية الرقمية لعوالم ومجالات لا تحد وسع مساحاتها. في عقد الخمسينات من القرن المنصرم أشار النحات العراقي المعروف جواد سليم (صاحب اكبر وأفضل نصب نحتي في بغداد) إلى أن ليس من الفن أن نرسم تفاحة ونكتب أسفل صورتها تفاحة. لكن الفنان (جوزف كوسوت 1) في عام (1964) عرض عملا مؤلفا من الكرسي وصورته الفوتوغرافية ونص مكتوب عنه، ثلاثة أعمال تشتغل على مفردة الكرسي ويكمل بعضها بعضا وتؤكد شيئيته. لكنه وفي مسعاه هذا أشرك اللقية (الكرسي) ووثيقته الصورية والوثيقة المكتوبة. ليس كما محاولات التكعيبيين التلصيقية، بل ليؤكد استقلالية أداء كل عنصر من عناصر عمله على الرغم من أنها تشكل مفردة أليفة واحدة لكنها تبقى مغتربة وسط فضاء عرضها ذي الزوايا المفاهيمية الثلاث وتكتسب استقلالية أدائها الملتبس بنوايا الفنان والمتلقي. في موقع افتراضي عن العراق (1) كانت مساهمة احد الفنانين عبارة عن نصين مكتوبين على (تيشرتين)، الأول هو: (أحبني أنا العراق. والثاني: اقتلني أنا العراق). هذه الكتابة الصورة تختزل الكثير من التفاصيل بالمقارنة مع أي عمل فني عن الحالة الدراماتيكية العراقية المعاصرة.وتذكرني بصورة فوتوغرافية لقائد عسكري فيتنامي جنوبي مصوبا فوهة بندقيته على رأس احد الفيتناميين الشماليين، والذي قتله فعلا. مثلما تستعيد إلى الذهن صورة أخرى لامرأة عارية تستعرض على جسدها العاري نصا مدون عليه (أوقفوا الحرب 2) بلغات عدة. فان أشاد الافتراض بالنص المدون كعمل تشكيلي مرافق أو مكمل أو مستقل منذ ستينات القرن المنصرم. فان مجال هذا النص توسع للحد الذي بات يزاحم فيه بقية الأساليب والتقنيات التعبيرية الفنية ولم يوفر استغلال أي وسيط أدائي سواء المادي أو الضوئي أو الصوتي أو الصوري أو كلاهما معا. وباتت العديد من أعماله تتشكل وثائق ثقافية وسياسية وإعلامية. النص الوثائقي والسيرة اليومية: ![]() بعد أن التبست العلاقة أو انعدمت ما بين الواقع والخيال في مجتمعنا الرقمي. وبات الزر (رقما) يؤسس إنسانه الرقمي الذي ذاب رقما بين ملايين الأرقام. تحولت المعلومة هي الأخرى رقما خاضعا لسطوة ميكانزم سيال يتحكم في اقتصادياتنا مثلما يتحكم في أحلامنا. واكتست العديد من الوجوه والأجسام والكائنات والأكوان أرقاما وحروفا. وفقدت الكثير من الآثار التشكيلية ميزتها التصنيفية السابقة في دوامة الفعل الميكانيكي وسحر مغامراته المدهشة. وربما في كبسة زر خاطئة أو مغرضة تتصدع الكثير من مقومات وجودنا المادية. نصوص مرصوصة بشبكة عنكبوتيه هائلة لا يعقل أن لا تجد لها منفذا في العديد من الصياغات النصية التشكيلة الموازية لعولمة اللغات الميديوبة. وان دخلت الرواية المجال الميديوي بمؤثراته العديدة، فقد أثثت مؤثراتها على الخلفية التشكيلية النصية التي سبقتها منذ عهد بعيد. وبات النص التشكيلي ألحروفي الصوري يتبادل أدواره والنص الروائي، ليس بسعة مفرداته وحجمها، بل بكثافة الفعل التشكيلي وفلسفة بناءات أداءه. |