... ارسل الى صديق  ... نسخة للطباعه ...اضف الى المفضله Bookmark and Share

 

مقالات

 

 

 

 
 
   
ايمن عيسى .. فضاءات لتاريخ آخر

فاروق سلوم

تاريخ النشر       18/08/2009 06:00 AM



اصابعي تزفر لاتقذفوا
فتات يومي للطريق الطويل – محمود درويش
*
في كل مرة يفاجئني السؤال وانا ارمي بصري اثر خطوته.. وعند ظلال لوحته..
هل الرسم الاّ تلك القدريه التي تواجه الفضاعه التي تريد ان  تفرض شكل ماساوية حياتنا !!
الجواب نعم ،  يقع ذلك في حالة الرسم  مثل كل اداة في مدار اجتراح معجزة الوجود ..
ومعجزة البقاء التي يعرفها بعمق الرسام الفلسطيني  ايمن عيسى شاهدا ..ومبتكرا!
 يتساءل المتأمل ، وهو يرى الى لوحاته بعين مدركه لكل تفتيت حي على سطح اللوحه.
*
اصابعه تشير الى جهة التاريخ .. حيث يولد الوعي ( القاني )  لكل تلك الأحداث  والوجوه والشهود ،ولكن بطريقة مغايرة حيث يعطي الرسم روحه ازاء استنفاد الروح او استهدافها ،
 كما في تجربة الشعب  الفلسطيني طوال اكثر من ستين عاما ، وكما في تجربة الرسام ايمن عيسى لعقود من اللوعة  عن قرب ..وعن وعي مضيء .
 هوالرسام – الأنسان  الذي  يرمي تلك الورقه.. البطاقه  ؛ التي اريد لها ان تكون هويته الوحيده ..ايمن عيسى الذي يعيش تفجر الحدث وجدل الحياة والناس على الأرض بين غزّه وغزّه ، قد  ابتكر للرسم اسماءا ومفاتيحَ ، جاعلا من كل تلغيز رمزا .. مبتكر فصاحة تشكيليه تروي بالدلاله  في هذا الزمن الوحشي ..
*
في معرضه  على قاعة جاليري المحطه ، 18 آب-أغسطس 2009  ثمة مدارك وافكار ..وشهادات هي جوهرتجربته في  الرسم .. وهو  المعني بألأشتغال على اساليب وتقنيات تقيم  نظام الرسام الصعب  .. انه في موقفه المعلن و في اية دلاله  يطلقها  هنا انما يشكل رمزيه ملغزه  يختارها  كوسيله  يحافظ الرسم على خواصه  امام  ضغط الحدث الواقعي الى درحة قد تجرد الفن والأدب ووسائل التعبير من خواصها الفنية لصالح الخطاب المباشر واللغة اليومية.. لكن الرسام هنا يحافظ بجهد خرافي  على خواصه الفنية الراسخه رغم قسوة الواقع وخطورته .
*
الكتابه عن فن ايمن عيسى عندي مثل من يأخذ طفولة شيخوخته الى طفولة - بياضه الأول ليقول ..هذه زيتونه .. وتلك حجاره .. حيث تصير الذاكرة مرآة لكل ذات جريحه ..وكل سؤال.انه يواجه النفي بالحضور واصابعه تضيء باللون والعباره ،  مثل مرآة في عتمة تختصر قمرا تائها ..يخرج من حلمه وفضائه .يرمي الينا معارفه ورؤاه ونحن في تأمل عميق لوجودنا واسئلته .
الحديث عن تقنيات متمكنه ، وحرفه عميقة ، وتناظرات راسخة  وتضادات صارخه  في توازن الأفضية في اعمال ولوحات ايمن هو نمط من تكرار حقائق الرسم في بيئته الفنيه  التي تجاوزت كل ذلك لتقيم ميزته الشخصية في ابتكار العمل الفني ..كاجتراح معجزة فنيّه .
*
الوانه التي يعالجها بتقنيه عاليه  ،  مثل لغه مبهمة تروي انعكاسات ولا تصرح ..رموزه في تفتيت اشياء اللوحه – اثاثها ، هو نمط من سفر خروج الرسام الى الحقائق الكبرى للعقل ..لكي يبصر بعين اخرى. . يتذكر لينسى ، لكن ذلك يتحول الى فصول من ذاكرة ترمي ارثها ..ولغتها على خامة اللوحه حيث استنفدت وسائل التعبير الأنساني ( الشخصيات والوجوه والاشكال )  ..امام خطر المآل الذي يتهدد الرسام وشعبه ..حيث يواجه  مايعانيه بصمت وعدم اكتراث كونيين  غريبين منذ عقود طويله !!
ان ميزة ايمن عيسى ، في بلاغة منجزه الفني  انه لايقول الاّ ماهو ضروري دون انشاء او اضافه ..وهو مرهق ومزحوم بألأسهاب والتكرار  اللذان يؤطران ثقافتنا وخطابنا وحياتنا عموما  ..فنان موجز ورسام اتقن كيف يختصر مضامينه – مضاميننا الكبرى الى حدود الكف ..وفضاء اللوحه ..


مقالات اخرى لــ  فاروق سلوم

 

copyright © 2008  Al ZaQurA.com, Inc. All rights reserved 

 

 

Developed by
ENANA.COM